قصر المرايا

بسم الله الرحمن الرحيم


تخيل انك تعيش في ارض غرائب و عجائب ، و انت تجول في هذه الارض وقعت عيناك على قصر ملفت للنظر ، و كتب عليه " قصر المرايا " ، انتابك الفضول ، فقمت بدخول هذا القصر لاستكشاف ما فيه ، وعند البوابة وضعت لافتة كتب عليها " احذر المراة الخداعة " ، ثم اخذت تتجول بثيابك الرثة ، التي مزقها طول السير ، واتلفها بعد الطريق ، و المرايا حولك من كل حجم ونوع ، وكلها تعكس ما انت عليه فعلا مع فروقاتطفيفة من مراة لاخرى ، وكل هذه المرايا لم يعجبك ما ترى منها ، الا هذه المراة التي طرزت باطار غريب ، ملفت للنظر ، غريب جد غريب ، و رايت نفسك في ابهى حلة ، واجمل صورة ، وما تمنيت رؤية شيء محبب الى نفسك الا واظهرته لك هذه المراة ، ومن حيث لا تشعر ، مت ، كان هناك وحش اخذك على حين غفلة منك ، لم يظهر لك على المراة التي تسمرت ناظرا اليها ، ولو انك ارتضيت ما كانت تعكسه لك تلك المرايا من صورومناظر اقرب ما تكون الى الواقع لما حدث ما حدث .

هذه قصة من نسج الخيال ، حكاها لنا الواقع وترجم له بقول الحبيب صلى الله عليه وسلم : " المؤمن مراة اخيه " ، وقوله صلى الله عليه وسلم : " المرء على دين خليله فالينظر احدكم من يخالل " فانت محاط بالكثير من الناس ، الذين هم كالمراة لك في اقوالهم وافعالهم ، اختر منهم الذي في رفقته صلاح الدنيا والاخرة ، ولنا في الصحابة العدول وال بيت الرسول صلى الله عليه وسلم خير اسوة ، فانا في هذا الموضوع لست في صدد السر القصصي ، او الطرح الوعظي ، انما اريد ان استثير العقول و اطير بها الى عالم غير عالمنا ، عالم وصفه الشاعر بقوله :-



ذاك الضفاء فلا لوم ولا نكد ... ولا شكاوى ولا ترجيع انات
لا زيغ لا حقد لا اطماع في غرض ... ولا تناحر في دنيا العداوات
لكنه الحب شفاف الرؤى شرفت ... غاياته وسما فوق التفاهات
لو لامس الحب قلبا ما اتى شططا ... ولا اقامت به غير المروءات


انه عالم الحب في الله ، عالم الصحبة التي التقت على طاعة الله ، و تفرقت على طاعته ، والتقت تحت ظل عرشه يوم لا ظل الا ظله .